لغة
كقوله ( أليت حب العراق الدهر أطعمه ) ، والتقدير : على حب العراق (1) .
ونخلص من الأقوال السابقة إلى الآتي :
1 – أن حذف حرف الجر لا يكون عند جميع النحاة إلا في الأماكن التي ارتبطت بالجار مسبوقة بالفعل اللازم الذي تعدى في الأصل لمفعوله بواسطة حرف الجر المحذوف ، فعندما حذف حرف الجر نصب الاسم إما بالفعل قبله ، وهذا مذهب الجمهور ، وإما بنزع الخافض وهذا مذهب أخل الكوفة ، كما ذكر ذلك الصبان نقلاً عن ياسين في حاشيته (2) .
ومثلوا لما سبق بقولهم : دخلت البيت ، وذهبت الشام وتوجهت مكة ، وقد أكد ذلك ابن يعيش بقوله : قال صاحب الكتاب ( يعني سيبويه )(3) .
ويحذف حرف الجر فيتعدى الفعل بنفسه .
كقوله تعالى ( واختار موسى قومه سبعين رجلاً )(4) .
2 – أن الحذف غير قياسي وإنما اقتصر على السماع إلا ما كان مع ( أنَّ ) و ( أنْ ) و ( كي ) المصدرية ، فمثال حذفه مع ( أنّ ) ، قوله تعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو )(5) .
ومثال حذفه من ( أنْ ) ، قوله تعالى ( أوعجبتم أنْ جاءكم ذكر من ربكم )(6) .
والتقدير في الآيتين : بأنه ، ومن أنْ جاءكم .
ومثال كي ، قولنا : جئتك كي تقوم ، والتقدير : لكي تقوم .
ومع ذلك يشترط في حذف حرف الجر فيما سبق أمن ( اللبس ) فإذا لم يؤمن اللبس لم يجز حذفه .
ـــــــــــــــ
(1) حاشية الصبان على شرح الأشموني ج2 ص89 – 90 .
(2) المرجع السابق . (3) شرح المفصل لابن يعيش ج8 ص50 .
(4) الأعراف [155] (5) آل عمران [18] (6) الأعراف [63] .
لغة
وإذا تتبعنا المواطن التي يحذف فيها حرف الجر لا نجد فيها واحداً يشير إلى أن كلمة ( لغة ) أو ( اصطلاحاً ) أو ما شابههما مما ينصب على نزع الخافض .
وقد ذكرت كتب النحو تلك المواطن بالتفصيل ، وخصها شرح الأشموني بثلاثة عشر موطناً ، وليس فيها واحد جاء منصوباً بعد حذف الجر وإنما بقيت جميعها على جرها ، ومنه على سبيل المثال :
1 – الجر بعد حذف رب ، وقد ذكرنا ذلك في باب رب ، فارجع إليه .
2 – بعد كم الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر ، نحو : بكم ريال اشتريت ، والتقدير : بكم من ريال ، خلافاً لمن جعل الجر بالإضافة .
3 – لفظ الجلالة في القسم دون عوض ، نحو : والله لأفعلن .
4 – في جواب ما تضمن مثل المحذوف .
نحو : زيد في جواب بمن مررت .
وللاستزادة راجع شرح الأشموني ج2 ص300 وما بعدها .
ثانياً : أو مجرور بحرف الجر الظاهر ، نحو قولهم : في اللغة ، وفي الاصطلاح ، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أعني ، والجملة المقدرة معترضة .
نحو : السنة في اللغة هي الطريق .
ونحو : والحال في اللغة فضلة نكرة .
ونحو : الفقه في اللغة العلم بالشيء .
لكنْ
1 – مخففة من الثقيلة لا عمل لها ، وتكون للاستدراك إذا سبقها نفي ، وتدخل على الجمل الفعلية والاسمية ، فمثال دخولها على الجمل الفعلية ، قوله تعالى ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )(1) .
ومنه قول ابن زيدون :
ومن الشعر مما أدعيه فضيلة ترن ولكن انطقتني بالفواصل
ومنه قول العجير السلولي :
ولكن ستبكين خطوب كثيرة وشعت أهينوا في المجالس جوع
ومثال دخولها على الجمل الاسمية ، وهي عندئذ ابتدائية لمجرد إفادة الاستدراك ، قول زهير بن أبي سلمى :
إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره لكن وقائعه في الحرب تنتظر
ومنه قوله تعالى ( لكنا هو الله ربي )(2) ، وأصله : لكن أنا ، فحذف ألفها فالتقت النون وكان التشديد .
كما تدخل على الأسماء ولا تعمل فيها ، كقوله تعالى ( لكن الراسخون في العلم منهم )(3) .
2 – وتكون لكن حرف عطف بشروط هي :
أ ـ أن يكون معطوفها مفرداً .
ب ـ أن تسبق بنفي أو نهي ، وألا تقترن بالواو ، نحو : ما قرأت نحواً لكن أدباً ، وما أكلت رطباً لكن عنباً .
3 – وتكون ابتدائية لإفادة الاستدراك أيضاً إذا سبقت بالواو .
نحو قوله تعالى ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله )(4) .
ـــــــــــــــ
(1) النحل [118] (2) الكهف [38] .
(3) النساء [162] (4) الأحزاب [40] .
لكنْ لكنّ
ومنه قول العجير السلولي :
وما ذاك إن كان ابن عمي ولا أخي ولكن متى ما أملك الضر أنفع
وكذا إذا سبقت بإيجاب ، نحو : نجح محمد ولكن علي لم ينجح .
لكنّ
حرف مشبه بالفعل من أخوات إنّ ، ينصب الاسم ويرفع الخبر ، يفيد الاستدراك والتوكيد .
نحو : السلع متوفرة لكن الأسعار مرتفعة .
ومنه قوله تعالى ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد )(1) .
ومنه قول المتنبي :
ولكن صبا خامر القلب في الصبا يزيد على مر الزمان ويشتد
ومنه قول عنترة :
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم عنها ولكني تضايق مقدمي
وإذا اتصلت بها ( ما ) الحرفية الزائدة كفتها عن العمل ، وعم دخولها على الجمل الاسمية والفعلية على حد سواء .
كقول ساعدة بن جؤية :
ولكنما أهلي بواد أنيسه سباع تبغّي الناس مثنى وموحد
ومنه قول امرئ القيس :
ولكنما أسعى لمجد مؤثل وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
ـــــــــــــــ
(1) الحج [2] .
لكنْ لكنّ
نماذج من الإعراب
نماذج من الإعراب
قال تعالى ( لكن الراسخون في العلم منهم ) .
لكن : حرف استدرا يفيد الاستثناء لا عمل له مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين .
الراسخون : مبتدأ مرفوع بالواو .
في العلم : جار ومجرور متعلقان بالراسخون .
منهم : جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في الراسخون .
وخبر المبتدأ قوله تعالى ( يؤمنون بما أنزل إليك )(1) ، ويصح أن يكون الخبر أيضاً قوله تعالى ( أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً ) في آخر الآية .
قال تعالى ( ولكن عذاب الله شديد ) .
ولكن : الواو للاستئناف ، لكن حرف مشبه بالفعل ناصب لاسمه رافع لخبره ، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
عذاب : اسم لكن منصوب بالفتحة ، وعذاب مضاف .
الله : لفظ الجلالة مضاف إليه .
شديد : خبر لكن مرفوع بالضمة ، والجملة لا محل لها من الإعراب استئنافية .
ـــــــــــــــ
(1) أنظر إعراب القرآن للنحاس ج1 ص470 ، وأنظر إعراب القرآن الكريم وبيانه للشيخ محي الدين الدرويش مجلد 2 ص377 .
لَمْ لِمَ
لمْ
لمْ
حرف جزم ونفي وقلب ، تجزم الفعل المضارع ، وتنفي وقوعه وتقلب معناه إلى الماضي .
كقوله تعالى ( لم يلد ولم يولد )(1) .
وقوله تعالى ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل )(2) .
ومنه قول طرفة :
إذا القوم قالوا من فتىً خلت أنني عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
ومنه قول لبيد :
أو لم تكن تدري نوار بأنني وصال عقد حبائل جذامها
لِمَ
مؤلفة من ( اللام ) الجارة و ( ما ) الاستفهامية التي حذفت ألفها لدخول حرف الجر عليها ، وقد تلحقها ( ها ) السكت فنقول : لمه .
نحو قوله تعالى ( قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله )(3) .
وقوله تعالى ( قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله )(4) .
ومنه قول زياد الأعجم :
يا عجباً والدهر جم عجبه من عنزي سبني لِمَ أضربه
وكثير من النحاة يقولون بوجوب حذف ألف ( ما ) الاستفهامية إذا سبقها حرف الجر (1) .
كقول ابن مقبل :
أأخطل لم ذكرت نساء قيس فمل روعن عنك ولا سبينا
ـــــــــــــــ
(1) الإخلاص [3] (2) الفيل [1] .
(3) آل عمران [99] (4) آل عمران [98] .
لمّا
1 – حرف جزم ونفي واستغراق , فهي تنفي المضارع وتجزمه ويستغرق النفي جميع أجزاء الزمن الماضي ، ولذلك فهي مختلفة عن لم بأن نفيها مستمر حتى زمن المتكلم .
كقوله تعالى ( ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم )(2) .
ومنه قول امرئ القيس :
فقلت له لما عوى أن شأننا قليل الغنى إن كنت لما تمول
والشاهد في البيت قوله : لما تمول .
ومنه قول الحطيئة :
وأنت امرئ تبغي أبا قد ضللته ثكلت ألما تستفق من ضلالكما
2 – وتأتي لما ظرفية بمعنى ( الحين ) متضمنة للشرط غير جازمة مبنية على السكون في محل نصب ، وامتناع جزمها لاختصاصها بالدخول على الأفعال الماضية ، كقوله تعالى ( فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم )(3) .
ومنه بيت امرئ القيس السابق : فقلت له لما عوى ... إلخ .
ومنه قول عنترة :
فلما وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصى الحاضر المتخيم
ـــــــــــــــ
(1) أنظر المغني لابن هشام ج1 ص298 ، وخزانة الأدب للبغدادي ج6 ص100 .
(2) آل عمران [142] .
(3) الأعراف [155] .
لمّا
3 – وتكون ( لما ) بمعنى ( إلا ) ، نحو : سألتك لما فعلت ، بمعنى : إلا فعلت ، وهي لغة هذيل ، ومنه قوله تعالى في قراءة من أقر به ( إن كل نفس لما عليها حافظ )(1) ، ومعناه ما كل نفس إلا عليها حافظ .
ولما التي بمعنى ( إلا ) كأنها ( لم ) ضم إليها ( ما ) فصارت جميعها بمعنى ( إن ) التي تكون للجحود فضموا إليها ( لا ) فصارا حرفاً واحداً وخرجا من حد الجحد ، فنقول ( إلا ) وكذا الحال في ( لما )(2) .
نماذج من الإعراب
قال تعالى ( ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ) .
ولما : الواو للحال ، لما : حرف جزم ونفي واستغراق مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
يعلم : فعل مضارع مجزوم بلما وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين .
الله : لفظ الجلالة فاعل .
الذين : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به .
جاهدوا : فعل وفاعل .
منكم : جار مجرور متعلقان بالفعل جاهد .
وجملة جاهدوا لا محل لها صلة الموصول ، وجملة لما يعلم في محل نصب حال .
ـــــــــــــــ
(1) الطارق [4] (2) أنظر اللسان ج12 ص552 .
لمّا لن
قال الشاعر :
لما رأيت القوم أقبل جمعهم يتذامرون كررت غير مذمم
لما : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط غير جازم ، وهو مضاف .
رأيت : فعل وفاعل .
القوم : مفعول به أول .
والجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه إلى لما .
أقبل : فعل ماض .
جمعهم : فاعل ، والهاء في محل جر بالإضافة .
والجملة من أقبل جمعهم في محل نصب مفعول به ثان لرأيت .
يتذامرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل والجملة في محل نصب حال من الضمير في جمعهم .
كررت : فعل وفاعل .
غير : حال منصوبة من الضمير في كررت ، وغير مضاف .
مذمم : مضاف إليه مجرور .
والجملة كررت ... إلخ لا محل لها من الإعراب جواب الشرط .
لن
حرف نفي واستقبال ونصب ، تختص بالدخول على الفعل المضارع فتنفيه وتخلصه للاستقبال وتنصبه وكان الفعل قبل دخولها صالحاً للحال والاستقبال معاً .
نحو : لن يهمل المجد واجبه .
لن
ومنه قوله تعالى ( ولن تجد لسنة الله تبديلا )(1) .
ومنه قول أبي طالب * :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
نماذج من الإعراب
والله : الواو للقسم ، الله لفظ الجلالة مجرور ، والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المقدر ، أي أقسم بالله .
لن يصلوا : لن حرف نفي واستقبال ونصب مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، يصلوا : فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل .
إليك : جار ومجرور متعلقان بيصلوا .
بجمعهم : جار ومجرور متعلقان بيصلوا أيضاً ، والضمير في محل جر بالإضافة .
حتى : حرف جر وغاية مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
ـــــــــــــــ
(1) الأحزاب [62] .
* أبو طالب : هو بن عبد المطلب بن هاشم ، من قريش ، وكنيته أبو طالب ، وطالب آخر أبنائه ، وهو والد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وعم النبي صلى الله عليه وسلم وكافله ومربيه وناصره ، كان من أبطال بني هاشم وفرسانهم ، ومن الخطباء العقلاء الأباة ، كان صاحب تجارة ، دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فامتنع خوفاً من أن تعيره العرب بتركه دين آبائه ، ونزل فيه قوله تعالى ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) 56 القصص ، توفي كافراً بمكة المكرمة قبل الهجرة النبوية الشريفة بثلاث سنين وأربعة أشهر .
لن لو
أوسد : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد حتى ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنا ، والمصدر المؤول من أن المحذوفة والفعل في محل جر بحتى .
في التراب : جار ومجرور متعلقان بأوسد .
دفينا : حال منصوبة بالفتحة .
لو
وله أربعة أقسام :
أولاً : حرف شرط غير جازم يربط بين جملتي الشرط والجواب ، ويفيد الامتناع
( امتناع الجواب لامتناع الشرط ) وهي للتعليق في الماضي .
نحو : لو درست جيداً لنجحت في الامتحان .
ومنه قوله تعالى ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً )(1) .
ومنه قول الشاعر :
لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينار
وتأتي ( لو ) الشرطية بمعنى ( إن ) الشرطية فيليها فعل مضارع دال على الاستقبال أو ماض فتصرفه إلى الاستقبال وهي غير جازمة أيضاً .
كقوله تعالى ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية )(2) .
ومنه قول الشاعر القطامي :
لا يُلفِك الراجوك إلا مظهرا خلق الكرام ولو تكون عديما
ومثال الماضي المصروف للمستقبل : قوله تعالى ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين )(3) .
ـــــــــــــــ
(1) الحشر [31] (2) النساء [8] (3) يوسف [17] .
لو
ومنه قول الأخطل :
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بإظهار
تنبيه :
1 – الأصل في لو الشرطية أن يليها فعل ، ولكن قد يليها اسم فيكون فاعلاً لفعل محذوف ، كقولة عمر رضي الله عنه : " لو غيرك قالها يا أبا عبيدة " .
ومنه قوله تعالى ( لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي )(1) .
ومنه قول الغطمش الظبي :
أخلايَّ لو غير الحمام أصابكم عتبت ولكن ما على الدهر معتب
ولكن في هذا خلاف ، لأن بعض النحاة يرى أن ( لو ) لا يليها فعل مضمر إلا ضرورة كما في البيت السابق .
ونقول إن انفصال الضمير عن الفعل المحذوف من الآية السابقة يعمم ذلك .
وقد تأتي ( أن ) المشبهة بالفعل بعد لو ، وللنحاة في إعرابها وجوه .
فقد أعربها سيبويه مبتدأ حذف خبره في قوله تعالى ( ولو أنهم صبروا )(2) ، وقوله تعالى ( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام )(3) ، ومنه قول الشاعر * :
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
أما الكوفيون وكثيراً من النحاة يرون أنها فاعل لفعل محذوف تقديره : تبت ، أو حصل ، أو استقر ، وهذا هو الأفصح . والله أعلم .
ـــــــــــــــ
(1) الإسراء [100] (2) الحجرات [5] (3) لقمان [17] .
* ابن مقبل : هو تميم بن أبي بن مقبل من بني العجلان ، ويكنى أبا كعب ، شاعر جاهلي مجيد مغلب ، أدرك الإسلام وأسلم ولكنه كان جافياً في الدين ، وكان في الإسلام يبكي أهل الجاهلية ، عمر طويلاً ، وكان يهجي النجاشي الحارثي قيس بن عمرو بن مالك ، ولكن النجاشي تغلب عليه ، وجعله ابن سلام من الطبقة الإسلامية الخامسة .
لو
ومنه قول المعري :
ولو أني حببت الخلد فرداً لما أحببت في الخلد انفرادا
2 – يغلب في خبر لو أن يقترن باللام كما مر معنا في بعض الأمثلة السابقة .
ومنه قول المتنبي :
وخفوق قلبي لو رأيت لهيبه يا جنتي لظننت فيه جهنما
وقد لا يقترن باللام ، كقول عنترة :
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلمي
3 – ويحذف جواب لو إذا تقدم ما يدل عليه ، ويغلب ذلك إذا سبقها واو الحال .
كقوله تعالى ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم )(1) .
ومنه قول المتنبي :
أتى خبر الأمير فقيل كروا فقلت نعم ولو لحقوا بشاش (2)
ثانياً : تأتي ( لو ) حرف مصدري غير ناصب وعلامة ذلك أن يصلح في موضعها ( أن ) المصدرية ، يغلب ذلك في وقوعها بعد الفعل ( ود ) أو ما في معناه .
كقوله تعالى ( يود أحدهم لو يعمر )(3) .
وقوله تعالى ( ودوا لو تدهن فيدهنون )(4) .
ومثال مجيء ( لو ) بعد مصدر ( ود ) ، قول الشاعر * :
وودت ودادة لو أن حظي من الخلان أن لا يصرموني
ـــــــــــــــ
(1) البقرة [221] (2) شاش : بلد ما وراء النهر .
(3) البقرة [96] (4) القلم [9] .
* الشاهد بلا نسبة في مصادره .
لو
وقد ترد لو المصدرية غير مسبوقة بالفعل ( ود ) أو مشتقاته .
كقول الأعشى :
وربما فات قوما جل أمرهم من التأني وكان الحزم لو عجلوا
ومنه قول الشاعر * :
ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق
ثالثاً : تأتي للعرض ، وجوابها عندئذ فعل مضارع منصوب بالفاء .
كقولهم : لو تنزل عندنا فتصيب خيراً .
رابعاً : تأتي للتمني :
نحو : لو تأتينا فتحدثنا ، ومنه قوله تعالى ( فلو أن لنا كرة فنكون )(1) .
ومنه قول الشاعر المهلهل ** :
فلو نبش القابر عن كليب فيخبر بالذنائب أي زير
ـــــــــــــــ
(1) البقرة [167] .
* قتيلة بنت النضر : هي قتيلة بنت النضر بن الحارث بن كلدة ، أحد بني عبد الدار ، وقيل هي أخت النضر ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقتل أباها النضر يوم بدر كما أمر بقتل عقبة بن مخيط ، فقامت قتيلة ترثي أباها بقصيدة طويلة مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فلما بلغ النبي ذلك قال " لو سمعت هذا قبل أن أقتله ما قتلته " ، فيقال أن شعرها أكرم شعر موتور وآلفه وأحلمه .
** المهلهل : هو أبو ليلى المهلهل عدي بن ربيعة ، وقيل : امرؤ القيس بن ربيعة بن الحارث بن زهير التغلبي خال امرئ القيس الشاعر المشهور ، ولقب مهلهل لأنه أول من هلهل الشعر أي رققه ، ويقال أنه أول من قصد القصيد ، كان من أصبح الناس وجهاً وأفصحهم لساناً ، عكف في صباه على اللهو والتشبيب بالنساء ، حتى قتل أخوه كليب فكانت وقائع بكر وتغلب المعروفة بحرب البسوس .
لو
خامساً : للتقليل :
نحو : تصدق ولو بريال ، ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن عدي بن حاتم " اتقوا النار ولو بشق تمرة " متفق عليه .
نماذج من الإعراب
1 – لو الشرطية : قال تعالى ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً ) .
لو : حرف شرط غير جازم يفيد الامتناع مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
أنزلنا : فعل وفاعل .
هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به .
القرآن : بدل منصوب ، وجملة أنزلنا ... إلخ ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
على جبل : جار ومجرور متعلقان بأنزلنا .
لرأيته : اللام واقعة في جواب لو ، رأيت فعل وفاعل ، والهاء في محل نصب مفعول به .
خاشعاً : حال من المفعول به ، لأن الفعل رأى بمعنى أبصر يتعدى لمفعول واحد .
وجملة لرأيته ... إلخ جواب لشرط غير جازم فهي لا محل لها من الإعراب .
2- لو المصدرية : قال تعالى ( يود أحدهم لو يعمر ) .
يود : فعل مضارع مرفوع بالضمة .
أحدهم : فاعل ، والضمير في محل جر مضاف إليه .
وجملة يود ... إلخ ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
لو : حرف مصدري مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
يعمر : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو .
وجملة يعمر لا محل لها من الإعراب صلة لو المصدرية ، ولو وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول به ، والتقدير : يود أحدهم التعمير .
لو
3 – لو التي للعرض والتمني :
" لو تنزل عندنا فتصيب خيراً " .
لو : حرف عرض وتمني لا عمل له مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
تنزل : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت .
عندنا : ظرف مكان متعلق بتنزل ، ونا المتكلمين في محل جر مضاف إليه .
وجملة لو تنزل عندنا لا محل لها من الإعراب ابتدائية .
فتصيب : الفاء حرف عطف يفيد السببية ، تصيب فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد فاء السببية ، والفاعل ضمر مستتر فيه وجوباً تقديره أنت .
والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل معطوف على مصدر مقدر ، وجملة تصيب لا محل لها من الإعراب صلة أن المقدرة .
خيراً : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة .
4 – لو للتقليل :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم " اتقوا النار ولو بشق تمرة " .
اتقوا : فعل أمر مبني على حذف النون ، وواو الجماعة فاعله .
النار : مفعول به ، وجملة اتقوا ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
ولو : الواو استئنافية ، لو حرف تقليل لا عمل له .
بشق : جار ومجرور متعلقان باتقوا ، وشق مضاف .
تمرة : مضاف إليه مجرور ، وجملة ولو بشق تمرة استئنافية لا محل لها من الإعراب .
لولا
وهي على ثلاثة أقسام :
أولاً : حرف شرط غير جازم يفيد امتناع الجواب لوجود الشرط ، وهي مركبة من ( لو ) و ( لا ) الزائدة التي لا عمل لها .
كقوله تعالى ( ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين )(1) .
ويقترن جوابها باللام كثيراً ، ويغلب على الاسم بعدها أن يكون مبتدأ حذف خبره ، كقوله تعالى ( فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين )(2) .
ومنه قول جرير :
لولا الحياء لهاجني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
وقد لا يقترن جوابها باللام ، كقول الشاعر * :
لولا أبوك ولولا قبله عمر ألقت إليك معد بالمقاليد
ثانياً : تأتي لولا حرف تحضيض وعرض ، إذا تلاها فعل مضارع .
كقوله تعالى ( لولا تستغفرون الله )(3) .
وقوله تعالى ( لولا أخرتني إلى أجل قريب )(4) .
ومثال العرض ، قوله تعالى ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة )(5) .
ومعنى التحضيض : الطلب بإزعاج وعنف ، أما العرض فهو الطلب بلين وأدب .
ـــــــــــــــ
(1) الصافات [57] (2) البقرة [64] (3) النحل [46] .
(4) المنافقون [10] (5) التوبة [22] .
* أبو العطاء السندي : هو أفلح بن يسار وقيل مرزوق ، عبد أسود من موالي بني أسد بن خزيمة ، ويكنى أبا العطاء ، سندي الأصل منشأه الكوفة من مخضرمي الدولتين وفي لسانه عجمة ، كان شاعراً فحلاً قوي البديهة ، وقد تشيع للأمويين وهجا بني هاشم ، مات في أواخر أيام المنصور وقيل حوالي سنة 180 هـ .
لولا
ثالثاً : وتأتي حرف توبيخ إذا تلاها فعل ماض ، كقوله تعالى ( ولولا إذ سمعتموه قلتم )(1) ، وقوله تعالى ( لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء )(2) .
نماذج من الإعراب
1- لولا الشرطية : قال الشاعر :
لولا الحياء لهاجني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
لولا : حرف شرط غير جازم .
الحياء : مبتدأ حذف خبره وجوباً ، والتقدير : لولا الحياء موجود .
وجملة الحياء مع خبر المحذوف ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
لهاجني : اللام واقعة في جواب لولا ، حرف مبني على الفتح لا محل لها من الإعراب ، هاج فعل ماض ، والنون للوقاية ، والياء في محل نصب مفعول به .
استعبار : فاعل مرفوع ، وجملة هاجني استعبار لا محل لها من الإعراب جواب شرط غير جازم .
ولزرت : الواو حرف عطف ، لزرت معطوف على لهاجني ، والتاء في محل رفع فاعل .
قبرك : مفعول به ، والكاف في محل جر مضاف إليه .
والحبيب : الواو للاستئناف ، الحبيب مبتدأ مرفوع .
يزار : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو ، والفعل ونائب فاعله في محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها من الإعراب استئنافية .
ـــــــــــــــ
(1) النور [16] (2) النور [13] .
لولا لوما
2 – لولا التحضيضية والعرضية : قال تعالى ( لولا تستغفرون الله ) .
لولا : حرف تحضيض وعرض مبني على السكون لا عمل له ولا محل له من الإعراب .
تستغفرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون وواو الجماعة في محل رفع فاعله .
الله : لفظ الجلالة مفعول به منصوب بالفتحة .
والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب ابتدائية .
3 – لولا التوبيخية : قال تعالى ( لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء ) .
لولا : حرف توبيخ مبني على السكون لا محل له من الإعراب ولا عمل له .
جاءوا : فعل وفاعل .
عليه : جار ومجرور متعلقان بجاءوا .
بأربعة : جار ومجرور متعلقان بجاءوا أيضاً ، وأربعة مضاف .
شهداء : تمييز مجرور بالإضافة ، وع