حاش
مرادف لكلمة ( براءة ) يفيد التنزيه ، ويجوز فيها حذف الألف وجر ما بعدها باللام أو الإضافة .
كقوله تعالى ( حاش لله ما هذا بشراً )(1) .
والتقدير : حاش الله ، براءة لله وتنزيهاً له .
ومنه : حاش الله ، وحاشا الله ، بإثبات ألف حاشا .
ومنه قول أبي نواس :
حاشا لدرة أن تبني الخيام لها وأن تروح عليها الإبل والشاء
نماذج من الإعراب
قال تعالى ( حاش لله ما هذا بشراً ) .
حاش : اسم مبني على الفتح في محل نصب مفعول مطلق ، والتقدير : براءة لله .
لله : جار ومجرور متعلقان بحاش .
ما هذا : ما نافية تعمل عمل ليس ، وها للتنبيه ، وذا اسم إشارة في محل رفع اسم ما .
بشراً : خبر ما منصوب بالفتحة .
ـــــــــــــ
(1) يوسف [31] .
حاشا
1 ـ حرف استثناء شبيه بالزائد ، والمستثنى بعده مجرور به ولا يتعلقان .
2 ـ فعل ماض جامد ، والمستثنى بعده منصوب لأنه مفعول به .
نحو : حضر الطلاب حاشا طالباً ، ومنه قول الجميح الأسدي * :
حاشا أبي ثوبان إن أبا ثوبان ليس ببكة فدم
وقد روي ما بعد حاشا على الوجهين الجر والنصب .
ومنه قول الشاعر :
حاشا أبي مروان إن به ضنا عن الملحاة والشتم
والجر بحاشا هو الغالب الراجح ، مع جواز النصب ، ولذلك التزم سيبويه وأكثر البصريين حرفيتها ولم يجيزوا النصب بها ، والصحيح جوازه ، ومنه قول الشاعر :
حاشا قريشاً فإن الله فضلهم على البرية بالإسلام والدين
ـــــــــــــ
* الجميح الأسدي : هو منقذ بن الطماح بن قيس بن طريف الأسدي المضري ، والجميح لقبه ، أحد فرسان العرب في الجاهلية يوم جبلة وبه قتل ، وهو أحد فرسان بني أسد المعدودين ، كان غزاء ، أغار على إبل النعمان بن المنذر ، وأبوه الطماح صاحب امرئ القيس ، دخل معه بلاد الروم ، ووشى به إلى الملك ، ولبيت الجميح روايتان الأولى كما ذكرنا وهي الصحيحة والثانية هي :
حاشا أبا ثوبان إن به ضنا عن الملحاة والشتم
وقد أوردنا البيت برواية أخرى لصدره ، وراجع في الرواية السابقة حاشية الصبان ج3
ص165 ، والجنى الداني ص563 ، وشرح المفصل ج8 ص47-48 ، والرواية الثانية بلا نسبة في الخزانة ج2 ص150 ، وفي تاج العروس لعمر الأسدي ، أنظر مادة ( حشا ) ، ورواية الجر هي الصحيحة .
حاشا حاشى
وقد تدخل ( ما ) النافية على ( حاشا ) وهو قليل ، ولكنها تؤكد فعليتها .
كقول الأخطل :
رأيت الناس ما حاشا قريشاً فإنا نحن أفضلهم فعالا
ولا شك أن دخول ( ما ) النافية على حاشا يختص بالشعر وهو شاذ .
حاشى
فعل ماض متصرف مبني على الفتح المقدر على الألف منع من ظهورها التعذر .
نقول : حاشيته ، بمعنى استثنيته .
والفعل المضارع منه يحاشي ، وأحاشي ، وتحاشي ، ونحاشي .
قال النابغة الذبياني :
ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهه ولا أحاشي من الأقوام من أحد
نماذج من الإعراب
قال الشاعر :
حاشا أبي ثوبان إن أبا ثوبان ليس ببكة فدم
حاشا : يجوز فيها الوجهان الحرفية والفعلية ، فإن جعلناها حرفاً قلنا : هي حرف جر شبيه بالزائد .
أبي : مستثنى مجرور لفظاً منصوب محلاً على الاستثناء ، وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة .
وإذا جعلنا حاشا فعلاً : فإن فاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو ، وأبا مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة .
حاشا حبذا
وحينئذ تكون رواية البيت : حاشا أبا ثوبان ... إلخ ، وأبي مضف .
ثوبان : مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه علم منتهي بالألف والنون .
إن : حرف توكيد ونصب مشبه بالفعل .
أبا : اسم إن منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، وأبا مضاف .
ثوبان : مضاف إليه مجرور بالكسرة .
ليس : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو .
ببكة : الباء حرف جر زائد ، بكة : مجرور لفظاً منصوب محلاً خبر ليس .
فدم : صفة لبكة مجرور على اللفظ ، منصوب على المحل .
وجملة ليس واسمها وخبرها في محل رفع خبر إن .
حبذا
فعل مدح يلازم الزمن الماضي ، وهو مركب من الفعل ( حب ) واسم الإشارة
( إذا ) ، ويعرب فاعلاً ، وذلك على رأي من يرى أن حبذا مركبة ، أما على رأي من يرى عدم التركيب فهو يعربها فعلاً مغلباً جانب الفعلية أو اسماً حين يغلب جانب الاسمية ، ولا يخلوا هذا الرأي من الشذوذ ، ومخالفة الجمهور .
وبعده المخصوص بالمدح ، نحو : حبذا الإخلاص في العمل .
ومنه قول عبد الله بن رواحة * :
باسم الإله وباسمه بدينا ولو عبدنا غيره شقينا
فحبذا رباً وحب دينا
ومنه قول الأعشى :
يا حبذا جبل الريان من جبل وحبذا ساكن الريان من كانا
والفعل حب وفاعله يلازمان الإفراد والتذكير ، نقول : حبذا المخلص ، وحبذا المخلصون . وقد يقع بعد حبذا نكرة منصوبة على التمييز ، فنقول : حبذا رجلاً
أخوك . أو منصوبة على الحالية إذا كانت النكرة غير جامدة ، نحو : حبذا معلماً
أخوك . وإذا سبقت حبذا بلا النافية تحولت إلى الذم ، فنقول : لا حبذا الكذب .
ومنه قول الشاعر :
ألا حبذا عاذري في الهوى ولا حبذا الجاهل العاذر
فأتى الشاعر بحبذا ولا حبذا معاً في بيت واحد .
وتفترق حبذا عن ( نعم ) من وجوه :
1 ـ إن مخصوص ( حبذا ) لا يتقدم عليها بخلاف مخصوص ( نعم ) ، فلا نقول الإخلاص حبذا ، ونقول : الإخلاص نعم الخلق .
ـــــــــــــ
* عبد الله بن رواحة : هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن عمرو بن كعب بن الحارث الخزرجي ، شاعر محسن وفارس شجاع ، يكنى أبا محمد ، وأبا رواحة ، وهو خال النعمان بن
بشير ، كان يكتب في الجاهلية ثم أسلم ، وهو أحد نقباء الأنصار ، شهد العقبة وكثير من
المغازي ، وعمرة القضية ، وقد استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم على المدينة وأرسله خارجها على خيبر ، استشهد في مؤتة سنة 8 هـ .
حبذا حتى
2 ـ إن مخصوصها لا تعمل فيه النواسخ بخلاف مخصوص نعم .
نحو : نعم صديقاً كان علياً .
3 ـ وقد يتوسط بين حبذا ومخصوصها تمييز أو حال يطابقونه كما بينا سابقاً في
قولنا : حبذا رجلاً أخوك ، وحبذا معلماً أخوك .
نماذج من الإعراب
" حبذا الإخلاص في العمل " .
حبذا : حب فعل ماض مبني على الفتح ، ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل .
والجملة في محل رفع خبر مقدم .
الإخلاص : مخصوص بالمدح مبتدأ مرفوع بالضمة . ويجوز إعرابه خبراً لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هو الإخلاص .
في العمل : جار ومجرور متعلقان بالإخلاص .
حتى
ولها خمس حالات :
1 ـ حرف جر لانتهاء الغاية الزمانية أو المكانية ، والمجرور بعدها اسماً مفرداً ، ولا يجر الضمير ، بخلاف ( إلى ) فإنها تجر الاسم الظاهر والضمير المتصل .
نحو : سرت حتى الكعبة .
ومنه قوله تعالى ( سلام هي حتى مطلع الفجر )(1) .
ـــــــــــــ
(1) القدر [5] .
حتى
2 ـ حرف جر للغاية ، وينصب الفعل المضارع المستقبل بعده بأن مضمرة وجوباً .
كقوله تعالى ( لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى )(1) .
وقوله تعالى ( حتى يأذن لي ربي )(2) .
أو للتعليل ، نحو : علمني حتى أشكرك .
ومنه قوله تعالى ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم )(3) .
أو للاستثناء ، كقول الشاعر * :
ليس العطاء من الفضول سماحة حتى تجود وما لديك قليل
والتقدير : إلى أن تجود .
وإذا جاء الفعل بعد ( حتى ) دالاً على الحال حقيقة أو مجازاً وجب رفعه .
نحو : سرت حتى أدخل البلد .
3 ـ حرف عطف يفيد الغاية والتدرج بمعنى ( الواو ) وتعطف الاسم عليه .
نحو : أكلت السمكة حتى رأسها ، والتقدير : أكلت السمكة ورأسها .
ومنه قول الشاعر ** :
قهرناكم حتى الكماة فأنتم تهابوننا حتى بنينا الإصاغرا
ـــــــــــــ
(1) طه [91] (2) يوسف [80] (3) البقرة [217] .
* المقنع الكندي : هو محمد بن ظفر بن عمير بن أبي شمر الكندي ، والمقنع لقب غلب عليه لأنه كان أجمل الناس وجهاً ، وكان إذا أسفر اللثام عن وجهه أصابته العين ، شاعر مقل من شعراء الدولة الأموية ، كان صاحب شرف ومروءة وسؤدد في عشيرته متخرقاً في عطاياه سمح اليد .
** الشاهد بلا نسبة في مصادره .
حتى
4 ـ حرف ابتداء وما بعدها جملة مستأنفة .
كقول جرير :
فما زالت القتلى تمج دماؤها بدجلة حتى ماء دجلة أشكل
ومنه قول الفرزدق :
فوا عجباً حتى كليب تسبني كأن أباها نهشل أو مجاشع
5 ـ حرف غاية فقط ، إذا تلاها فعل ماض أو مضارع دال على الحال الحقيقة أو مجازاً ، كما ذكرنا سابقاً .
نحو : جلست حتى حضر محمد .
تنبيه : كل أنواع حتى السابق ذكرها ، ما عدا الابتدائية ، تكون لانتهاء الغاية .
ومعنى ( حتى ) أن يتصل ما بعدها بما قبلها ، إلا إن وجدت قرينة تعين المقصود .
فمثال المقصود التي يتصل ما بعدها بما قبلها قول الشاعر :
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله والزاد حتى نعله ألقاها
وقد روي البيت السابق بجر نعله على اعتبار أن حتى جارة ، وبنصبها على وجهين ، أحدهما : أنها عاطفة ، والآخر : أنها ابتدائية ، والنصب بفعل مقدر يفسره الفعل الظاهر ، وهذا من باب الاشتغال .
أما الرفع فعلى أنها ابتدائية ( ونعله ) مبتدأ ، وجملة ألقاها خبره .
ومثال ( حتى ) التي تفيد عدم الاتصال لوجود قرينة قول الشاعر :
سقى الحيا الأرض حتى أمكُن عزيت لهم فلا زال عنها الخير مجرور
حتى
نماذج من الإعراب
قال تعالى ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) .
سلام : خبر مقدم مرفوع بالضمة الظاهرة .
هي : ضمير منفصل مبني على الفتح ، في محل رفع مبتدأ مؤخر .
حتى : حرف جر وغاية مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
مطلع : اسم مجرور ، والجار والمجرور متعلقان بصفة محذوفة لسلام ، ومطلع مضاف . الفجر : مضاف إليه مجرور بالكسرة .
وجملة سلام ... إلخ لا محل لها من الإعراب ابتدائية .
قال تعالى ( لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ) .
لن نبرح : لن خرف نصب ، نبرح فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره نحن .
عليه : جار ومجرور متعلقان بعاكفين .
عاكفين : خبر نبرح منصوب بالياء .
وجملة لن نبرح ... إلخ لا محل لها من الإعراب ابتدائية .
حتى : حرف جر وغاية مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
يرجع : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد حتى ، وأن والفعل بتأويل مصدر في محل جر بحتى ، والجار والمجرور متعلقان بعاكفين .
والتقدير : لن نبرح عليه عاكفين حتى رجوع موسى إلينا .
وجملة يرجع ... إلخ لا محل لها صلة ( أن ) الموصول الحرفي .
إلينا : جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلق بيرجع .
حتى
موسى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر .
" أكلت السمكة حتى رأسها " .
أكلت : فعل وفاعل . السمكة : مفعول به .
حتى : حرف عطف .
رأسها : معطوف على السمكة منصوب مثله ، وهو مضاف ، والضمير في محل جر مضاف إليه .
قال الشاعر :
فوا عجباً حتى كليب تسبني كأن أباها نهشل أو مجاشع
فوا عجباً : الفاء حسب ما قبلها ، وا : حرف نداء وندبة ، مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، عجباً : منادى مندوب منصوب بالفتحة لأنه نكرة غير مقصودة .
حتى : حرف ابتداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب ولا عمل له .
كليب : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة .
تسبني : تسب فعل مضارع مرفوع بالضمة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هي ، والنون للوقاية حرف مبني لا محل له من الإعراب ، والياء ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به .
والجملة كليب ... إلخ ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
كأن : حرف تشبيه ونصب مشبه بالفعل مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
أباها : اسم كان منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف ، وها في محل جر مضاف إليه .
حتى حتام حجا
نهشل : خبر كان مرفوع بالضمة .
أو مجاشع : معطوف على نهشل ، وجملة أباها ... إلخ لا محل لها من الإعراب ابتدائية .
حتام
كلمة مركبة من ( حتى ) و ( ما ) الاستفهامية ، وحذفت ألف ( ما ) لاتصالها بحرف الجر حتى .
نحو : حتام هذا الخلاف ، ومنه : حتام لا تتوحدون .
حجا
يأتي فعلاً من أفعال الظن الذي يفيد الرجحان ، فينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، بشرط ألا يكون لغلبة ولا قصد ، ولا رد ، ولا سوق ، ولا كتم ، ولا حفظ .
ومثاله متعدياً لمفعولين : حجوت الطالب ناجحاً .
ومنه قول تميم بن مقبل * :
قد كنت أحجوا أبا عمرو أخا تقة حتى ألمت بنا يوماً ملمات
ــــــــــــــ
* تميم بن مقبل : هو تميم بن أبي مقبل ، من بني العجلان ، شاعر مخضرم عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام ، فأسلم ، ولكنه كان جافياً في الدين ، رثى عثمان بن عفان ، وعمر طويلاً حتى بلغ مائة وعشرين سنة ، وجعله ابن سلام في الطبقة الخامسة الجاهلية ، وقال عنه شاعر مجيد مغلب فقد غلب عليه النجاشي .
حجا حجراً
ويأتي فعلاً متعديا لمفعول واحد ، إذا تضمن أحد المعاني السابقة . فمثال مجيئه بمعنى قصد : حجوت بيت الله ، أي قصدت إليه .
ومثال مجيئه بمعنى غلب في المحاجاة ( أي للغز ) قولهم : حاجيته فحجوته ، أي غلبته في المحاجاة .
ومثال مجيئه بمعنى ساق أو قاد : حجا الراعي قطيع الغنم .
ومجيئه بمعنى كتم : حجوت الخبر ، أي كتمته .
كما يأتي فعلاً لازماً إذا كان بمعنى أقام في المكان ، نحو : حجوت في القاهرة ، أي أقمت فيها .
وكذا إذا جاء بمعنى بخل ، نحو : حجوت بنقودي ، أي بخلت بها .
حجراً
وتعني حراماً محرماً ، وتكون بمعنى ( منعاً ) ، كقولك ( حجراً ) لمن قال
لك : أتفعل كذا وكذا .
أو بمعنى ( التعوذ ) فيقال عند حلول مكروه : حجراً محجوراً ، أي منعاً ممنوعاً .
ومنه قوله تعالى ( ويقولون حجراً محجوراً )(1) .
وتعرب حجراً مفعولاً مطلقاً منصوباً نائباً عن فعله ، ومحجوراً صفة لها .
ـــــــــــــــ